رواية عن النّبذ،الرتابة،الروتين والخوف لدى البشر!

80 صفحة كافية لزوسكيند للسرد و الوصف الدقيق المعبر ليرينا كمن نحن مخلوقات هشة الى اقصى درجة و أقصى ما يدمرنا “الخوف” بعد أن تغذى على تركماتنا الماضية من أيام الطفولة البعيدة و وصولا الى اخر مراحل عمرنا و عن جدوى حبنا لرتابة التي نعيشها الان و أننا نتمسك بتفاصيلها،كطفل لا يرضى ان يشاركك اللعب بدميته المحشوة، فجاءة دون مقدمات يناهر قصرنا الرملي و نقع في براثن عوالمنا النفسية المتناقضة.

📚معلومات الكتاب:

العنوان: الحمامة.

الكاتب: باتريك زوسكيند.

عدد الصفحات: 80.

✍️صاحب الكاتب:

هو كاتب روائي ألماني درس التاريخ في جامعة ميونيخ، في الفترة من عام 1968 حتى 1974. عمل بعد ذلك في أعمال وأماكن مختلفة، وكتب عدة قصص قصيرة وسيناريوهات لأفلام سينمائية وكان يفضل العزلة والاختباء من أضواء الشهرة، وكذلك كان يرفض قبول جوائز أدبية كانت تمنح له، مثل جائزة توكان. وفي ليلة العرض الأول لفيلم  “العطر” المأخوذ عن روايته، لم يحضر زوسكيند. في عام 1987 حصل الألماني على  جائزة جوتنبرج لصالون الكتاب الفرانكفوني السابع في باريس. وهو يعيش حاليا ما بين ميونيخ وباريس متفرغا للكتابة.

✍️ملخص الكتاب:

تتحدّث الرواية عن جونثان حارس الامن الذي يعيش وحيداو متشبّث بعمله لسنوات طويلة لأنه يمنحه الشعور بالاستقرار و فجأة نمط الحياة المنضبطة يأتي عليه يومٌ وتنهار أمام عينيه فما الذي حدث؟

🎨 إنطباع

أعجبني أسلوب الكاتب في السرد و الوصف الدقيق العجيب و هو شئ معهود من كاتب من طرزه فهو يجذبك حتى تذوب في الأحداث و ان كنت النهايات عادية حتى، و كيف جعل من شخصيته “جونثان” تمر بكل الاضطرابات النفسيّة والأزمات الوجوديّة في يوم واحد فقط! مع أن هاته الرواية لم تكن بشهرة رواية العطر إلا أنها رواية رائعة تستحق القراءة.

أظن أن رسالة الكاتب كانت أن حياة الإنسان لا تحتمل ان تكون هادئة مهما جاهد المرء لجعلها كذلك،فحتى الشئ الذي يراه الكل امرعادي و مبهجا،قد يشكل مع تراكمات نفسية سابقة أو عاشها في ماضيه باب نحو الجحيم ينفتح على مصرعيه ليقلب الطاولة عليه.

⭐ إقتباسات

“المشي يهدىء الأعصاب ،في المشي تكمن قوة شافية. هذه الرتابة في تحريك قدم بعد الأخرى بإيقاع متزن مع التلويح بالذراعين على الجانبين، هذا التسارع في تردد النفس والنشاط الخفيف في النبض ، ذلك التوظيف الضروري للعينين والأذنين لتحديد الإتجاه والمحافظة على التوازن ، هذا الشعور بالهواء الذي يهف على الجلد، كل هذه أشياء تضطر الروح والجسد للتوحد بطريقة حتمية،وتترك الروح، حتى لو كانت في أشد حالاتها غياباً وتثاقلاً، تنمو وتتسع.”

“سوف تموت يا جونثان, سوف تموت, إن لم يكن الآن فقريباً. كانت حياتك كلها خطأ, لقد أفسدت حياتك كلها, حياتك هذه التي تزلزلها حمامة”

“أدرك جونثان أن جوهر الحرية الإنسانية مرهون بإمتلاك مرحاض مشترك, و أنه بهذه الحريه الأساسيه تملكه شعور عميق بالرضى. نعم لقد كان مصيباً في الكيفية التي أمن بها وجوده! فقد كان يعيش حياه رغيده و ليس هناك شيء, أي شيء يدعو للندم أو ليحسد عليه الآخرين”

قراءة ممتعة.

نُشرت بواسطة

hasan mohamed

محمد شاب شغوف بالقراءة في مجالات متنوعة و يحب مشاركة أفكاره و تجاربه مع الأخرين.

رأيان حول “رواية عن النّبذ،الرتابة،الروتين والخوف لدى البشر!”

  1. لم أقرأ للكاتب من قبل ولكن يبدو أنه من طراز أبي، المشي والتفرغ كليًا للأشياء والقيام بها بكل عمق يوحي بالألفة؛ راقتني المراجعة الخفيفة. وكالعادة الروايات الأقصر الأفضل على الإطلاق خصوصًا وهي مكتوبة بدقة كاتب ماهر👌

    Liked by 1 person

  2. مع جوناثان ارتبكنا لارتباكه من أن تمسه الحمامة أو أن تصنع لنفسها عشًا في الغرفة الصغيرة التي بالكاد تحمله، وتململنا على درجات البنك حيث وقف جوناثان .. وبين الخوف، والرتابة علقتُ ساعة من الزمان، تمنيت فيها لو أن كل الخوف الإنساني ينقضي ويمضي. تمنيت لو أن الخوف ما كان يومًا، تلحفت حزنه وأنا أعبر السطور حتى كاد يكون كل ما ذكر حُلُمًا وهو لا زال طفلًا، ابتهلت كثيرًا وأغمضت عيني متمنية أن يكون كل ما عاشه حلما بائسًا وانقضى لكنه لم يكن بل ظل واقعًا حتى طويت الكتاب كله. الخوف من التغيير واستساغ الرتابة والملل هو وليد فقدان الثقة بالمجتمع كما حدث مع جوناثان وهو أمرٌ قد يحدث لأي إنسان في أي مرحلة عمرية ولا تقتصر على مرحلة معينة وقد تقصر أو تطول.
    باتريك أبدع أيّما إبداع بتصويره للنفس الإنسانية في شخصية واحدة فقد صبّ جُل تركيزنا على شخصيته الوحدانية مما جعلنا نعيش حالته ونشعر بشعوره.

    قرأتُ الرواية بناءً على مراجعتك👍🏻.

    Liked by 1 person

أضف تعليق